بحوث قرآنية في التوحيد والشرك - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٠٠
قحط.... فقالت قريش: يا أبا طالب أقحط الوادي وأجدب العيال، فهلم فاستسق، فخرج أبو طالب ومعه غلام - يعني: النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " كأنه شمس دجن تجلت عنه سحابة قتماء، وحوله أغيلمة، فأخذه أبو طالب فألصق ظهره بالكعبة، ولاذ بإصبعه الغلام وما في السماء قزعه، فأقبل السحاب من هاهنا ومن هاهنا واغدودق وانفجر له الوادي وأخصب النادي والبادي، وفي ذلك يقول أبو طالب في قصيدة يمدح بها النبي " صلى الله عليه وآله وسلم ":
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل (1) وقد كان استسقاء أبي طالب بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو غلام، بل استسقاء عبد المطلب به وهو صبي أمرا معروفا بين العرب، وكان شعر أبي طالب في هذه الواقعة مما يحفظه أكثر الناس.
ويظهر من الروايات أن استسقاء أبي طالب بالنبي " صلى الله عليه وآله وسلم " كان موضع رضا من رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " فإنه بعد عندما بعث للرسالة استسقى للناس، فجاء المطر واخصب الوادي فقال النبي " صلى الله عليه وآله وسلم ": " لو كان أبو طالب حيا لقرت عيناه، من ينشدنا قوله؟ ".
فقام علي " عليه السلام " وقال: يا رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " كأنك أردت قوله:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل (2)

١. السيرة الحلبية: ١ / 116.
2. إرشاد الساري: 2 / 338.
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»