وقولك لأخيك المؤمن " جزاك الله خيرا " هو نوع من الدعاء والشفاعة له عند الله، أو غير ذلك من الدعاء الذي نمارسه في حياتنا العادية مع أصدقائنا وإخواننا وأقاربنا.
وهذا اللون من الدعاء والشفاعة لا غبار عليه ولا مناقشة فيه كما قدمنا.
لكن المناقشة تدور عادة بين المنكرين لجواز الشفاعة وتأثيرها في حاجات الدنيا، وبين القائلين بجوازها وتأثيرها، حول طلب الشفاعة من الأموات أو الذين غادروا الحياة الدنيا على قول أدق.
رأي ابن تيمية ومناقشته:
فقد ذهب ابن تيمية ومن تابعه إلى أن طلب الشفاعة في حاجات الدنيا أو غيرها من " الأموات " شرك "... وإن قال أنا أسأله لكونه أقرب إلى الله مني ليشفع في هذه الأمور، لأني أتوسل إلى الله كما يتوسل إلى السلطان بخواصه وأعوانه فهذا من أفعال الذين يزعمون أنهم يتخذون أحبارهم ورهبانهم شفعاء يستشفعون بهم في مطالبهم، والمشركين الذين أخبر الله عنهم أنهم قالوا: * (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) *.. " (1).
وتهافت وفساد هذا الرأي الذي يذهب إليه ابن تيمية أنه جعل طلب الدعاء والشفاعة بمنزلة مساوية ل " عبادة غير الله "، مع أن الشفاعة أصلا لا تعني العبادة لا بمعناها اللغوي ولا بمعناها الاصطلاحي، كما أن الداعي الداخلي والنفسي لطلب الشفاعة تعني شيئا آخرا غير الداعي النفسي لعبادة الأصنام والبشر أو غير ذلك مما يتوسل بها المشركون والكافرون