نعم الإشكال يرد فيما لو تم رفع العقاب عن فرد من الصنف الأول ولم يرفع عن فرد آخر من نفس الصنف مع أنهما متساويان في الصفات تماما.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن " وقوع الشفاعة وارتفاع العقاب..
وذلك إثر عدة من الأسباب، كالرحمة والمغفرة والحكم والقضاء وإعطاء كل ذي حق حقه، والفصل في القضاء، لا يوجب اختلافا في السنة الجارية وضلالا عن الصراط المستقيم " (1).
الإشكال الثالث:
إن الشفاعة المعروفة لدى الناس هي: أن يدعو المشفوع عنده إلى فعل شئ أو ترك الفعل الذي حكم به على المشفوع له، وهذا أمر لا يمكن حصوله، إلا إذا حدث للمشفوع عنده علم جديد يوجب عنده قبول الشفاعة في المشفوع له، أو أنه ينصرف عن إجراء الحكم الذي قرره رعاية للشفيع ومنزلته عنده ولو كان على حساب الحق والعدل والإنصاف، وهذه افتراضات لا يجوز نسبتها إلى الله (تعالى عن ذلك علوا كبيرا).
والجواب عليه:
فهو افتراض باطل من أساسه، لأن الفعل الذي قرره سبحانه وتعالى - وهو العقاب - لم يكن أثرا غير قابل للانفكاك عن " الذنب "، لما تقدم من أن الذنب ليس إلا مقتضيا للعقاب، فالشفاعة - بعد أن كان الذنب مجرد مقتض للعقاب - تقدم الوعد بها، وأثبتها القرآن الكريم بصورها وحدودها