أما فيما يتعلق بالشق الثاني منه، وهو: هل أن للشفاعة أثرا وفائدة في تحصيل المصالح والمنافع الدنيوية أم لا؟
فنقول: إن الشفاعة تعطي - بالإضافة إلى المعاني التي تقدمت في أول البحث - معنى الدعاء أيضا، فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما يشفع لمؤمن فإنه يدعو الله سبحانه وتعالى، فقد ذكر السيد العاملي أن " شفاعة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو غيره عبارة عن دعائه الله تعالى لأجل الغير وطلبه منه غفران الذنب وقضاء الحوائج، فالشفاعة نوع من الدعاء والرجاء. حكى النيسابوري في تفسير قوله تعالى: * (من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها) * (1) عن مقاتل أنه قال: الشفاعة إلى الله إنما هي الدعوة لمسلم، لما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب استجيب له وقال له الملك ولك مثل ذلك " (2).
وعلى هذا الأساس، فإن دعاء المؤمن لأخيه المؤمن في حياته في حاجة من حوائج الدنيا أمر مقبول لا غبار عليه ولا مناقشة فيه بعد الذي تقدم، ولما ورد من الحث على دعاء المؤمنين للمؤمنين: عن إبراهيم بن أبي البلاد رفعه وقال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (من سألكم بالله فاعطوا، ومن أتاكم معروفا فكافوه، وإن لم تجدوا ما تكافونه فادعوا الله له حتى تظنوا أنكم قد كافيتموه) (3).