* (كل نفس بما كسبت رهينة * إلا أصحاب اليمين * في جنات يتساءلون) * ثم تقول الآيات الشريفة: * (عن المجرمين * ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين * فما تنفعهم شفاعة الشافعين) * (1).
وهكذا يتضح من خلال هذا السياق: إن الذين لا تنفعهم شفاعة الشافعين هم هؤلاء المستقرون في سقر الذين لم يكونوا من المصلين، وكانوا يكذبون بيوم الدين، حتى أتاهم اليقين حين وجدوا أنفسهم في سقر فلا تنفعهم بعد صفاتهم تلك شفاعة الشافعين.
بعد هذا العرض السريع للإشكالات التي يوردها النافون للشفاعة والردود عليها، يتضح أن الشفاعة ليست من الأمور التي تقع ضمن دائرة الاثنينية في الجزاء الإلهي، والمقصود بالاثنينية " تعدد الجزاء مع وحدة الفعل " ولا هي متناقضة مع عدالة الله بل هي تثبيت لهذا العدل باعتبارها كانت وعدا تقدم والجزاء به هو وفاء لذلك الوعد.
كما أنها ليست ناتجة عن علم جديد أو انصراف عن فعل مقرر من قبل، بل هي علم سابق وفعل مقرر، وهي أيضا لا توجب الجرأة على المعصية بل توجب الحيطة والحذر، والخشية من ارتكاب الذنب، إذ لم تصرح الآيات بجميع الذنوب التي تقبل فيها الشفاعة.
وهي أخيرا ثابتة موجودة، لكنها لا تنال بعض الأصناف من الناس الذين وردت صفاتهم في القرآن الكريم، وأنها لا تحصل إلا بإذن الله تعالى