الظاهرية، وإليه ذهب الآمدي، والفخر الرازي، والبيضاوي (1).
وقد انتقده ابن حزم نقدا لاذعا، فقال: إن القول بمثل هذا الاجماع يعني إيجاب مخالفة أوامره صلى الله عليه وآله وسلم ما لم يجمع الناس عليها!! وهذا عين الباطل..
بل إذا تنازع الناس رددنا ذلك إلى ما افترض الله تعالى علينا الرد عليه من القرآن والسنة، ولا نراعي ما أجمعوا عليه مع وجود بيان السنة (2).
ويجب أن يضاف إلى هذا أن هناك حقيقة واقعة جديرة بالاهتمام والملاحظة في أحداث كهذه، ألا وهي هيبة السلطان وصعوبة الرد عليه، لا سيما عمر في زمان حكومته، وأمره هذا أشهر من أن يستدعي سوق الأدلة والبراهين.
هذا كله فيما لو دلت الواقعة على تحقق إجماع سكوتي، وغاية ما يدل عليه هذا الاجماع لو كان متحققا فعلا إنما هو الاجماع على جواز التوسل بالحي وبدعائه، وهذا أمر معلوم بغير هذه الواقعة.. ولا تتحمل هذه الواقعة أي دلالة زائدة على هذا، لما سيأتي من عمل بعض الصحابة بعد عمر بالتوسل بالميت.
الثالث: إن كلمات عمر في هذه الواقعة تتجاوز مسألة التوسل بالدعاء إلى التوسل بنفس الشخص وذاته، فهو يقول في أول كلامه: (اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا). فهو صريح في التوسل بالعباس نفسه، وليس بدعائه فقط، كما أراد أصحاب الرأي المتقدم، فالحديث صريح في أن عمر هو الذي كان يدعو، وليس العباس، ولم يرد في أي من طرق هذا