الفصل الثالث الزيارة في تراث السلف إذا كانت مفردة السلف تتسع لأجيال عديدة، بل هي لغويا تمتد منذ جيل الآباء صعودا حتى عهد الرسالة، فإننا نقتصر منها هنا على الطبقات العليا، وتحديدا حتى منتصف القرن الثالث، لتشمل عهد الرسالة وعهود الصحابة وأئمة أهل البيت عليهم السلام والتابعين وأئمة الحديث والفقه انتهاء بأئمة المذاهب الأربعة. هذه الطبقات التي عاصرت السنن رواية وتدوينا وأسست للفقه وسائر علوم الدين، وإليها ينتهي احتجاج المسلمين بطوائفهم كافة، لنرى كيف كانت زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبور الأولياء والصالحين تمثل جزءا من ثقافة الأمة الأصيلة على امتداد تلك الطبقات. وليس غرضنا فيه الاستقصاء، بل الاكتفاء بما فيه إثبات المطلوب.
وقبر حمزة كان مزارا للصالحين من الصحابة والتابعين.. وقبر الكاظم موسى مقصدا لمن أدرك وفاته وعاش بعده.. وقبر الرضا علي بن موسى كان ملاذا لأهل العلم والصالحين مذ كان القبر.. كل ذلك سنقرأه لاحقا.. ونقرأ أن قبر أبي حنيفة كان ملاذا للشافعي، يأتيه كل يوم، داعيا ومستشفعا ومتوسلا.. وأن