يفعلون ذلك، ويكره إلا لمن جاء من سفر، أو أراده.
قال ابن القاسم: ورأيت أهل المدينة إذا خرجوا منها أو دخلوا أتوا القبر فسلموا، قال: وذلك رأيي.
قال الباجي: ففرق بين أهل المدينة والغرباء، لان الغرباء قصدوا لذلك، وأهل المدينة مقيمون بها لم يقصدوها من أجل القبر والتسليم (1).
وفيه فائدتان:
الأولى: أن جمهور الناس في القرن الثاني للهجرة، حيث عاش مالك، كانوا متفقين على المداومة على زيارة قبر المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، يصنعون ذلك مرارا، ويدعون عند قبره على الدوام، وهم جيل اتباع التابعين، الذين ورثوا عن التابعين عاداتهم وعباداتهم.
والثانية: أن مالكا، كان يجيز القصد إلى الزيارة، ويحبذه، فيدعو المسافر أو القادم إلى التوجه لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم قاصدا لذلك.
وهذا ما قاله الباجي في شرح كلام مالك، مؤكدا أن قصد الزيارة هو المبرر الذي اعتمده مالك في جوازها، بل استحبابها، قائلا: لان الغرباء قصدوا ذلك.
أما عن رأي مالك، كما قال السبكي، فهو أن الزيارة قربة، ولكنه على عادته في سد الذرائع يكره منها الاكثار الذي قد يفضي إلى محذور. وهذا واضح في كلام مالك الآنف الذكر، وهو يحبذها للغرباء والمسافرين.
وأما أئمة المذاهب الثلاثة الأخرى، فهم يقولون باستحبابها واستحباب