قال أهل التفسير: أي اطلبوا إليه القربة بالطاعات، فكأنه قال: تقربوا إليه بما يرضيه من الطاعات (1).
قال الرازي: الوسيلة، فعيلة، من وسل إليه إذا تقرب إليه. قال لبيد الشاعر:
أرى الناس لا يدرون ما قد أمرهم * ألا كل ذي لب إلى الله واسل أي متوسل. فالوسيلة هي التي يتوسل بها إلى المقصود (2).
واستنتج السيد الطباطبائي مما تقدم في معنى الوسيلة أنها ليست إلا توصلا واتصالا معنويا بما يوصل بين العبد وربه ويربط هذا بذاك، ولا رابط يربط العبد بربه إلا ذلة العبودية، فالوسيلة هي التحقق بحقيقة العبودية وتوجيه وجه المسكنة والفقر إلى جنابه تعالى، فهذه هي الوسيلة الرابطة، وأما العلم والعمل فإنما هما من لوازمها وأدواتها كما هو ظاهر، إلا أن يطلق العلم والعمل على نفس هذه الحالة.
وفي الترابط بين المفردات الثلاثة: تقوى الله وابتغاء الوسيلة والجهاد في سبيله الواردة في الآية عرض السيد الطباطبائي صورة رائعة متماسكة، خلاصتها أن الامر بابتغاء الوسيلة بعد الامر بالتقوى، ثم الامر بالجهاد في سبيل الله بعد الامر بابتغاء الوسيلة، هو من قبيل ذكر الخاص بعد العام اهتماما بشأنه (3).
فابتغاء الوسيلة إذن وهو التماس ما يقرب العبد إلى ربه، أخص من التقوى العامة في اجتناب المعاصي والعمل بالطاعات.