والموضع الثاني: في قوله تعالى: ﴿أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا﴾ (1).
والآية هنا في معرض الرد على أقوام يعبدون الملائكة، أو يؤلهون المسيح وعزيرا عليهما السلام، فقالت الآية ان أولئك الذين تدعونهم من ملائكة وأنبياء إنما هم في أنفسهم يبتغون إلى ربهم الوسيلة ويرجون رحمته ويخافون عذابه (2).
والوسيلة هنا لم تخرج عن معناها الأول، فهي التوصل والتقرب. وربما استعملت بمعنى ما به التوصل والتقرب، ولعله الأنسب بالسياق (3).
ومن كل ما تقدم يعلم أن التوسل إنما هو اتخاذ الوسيلة المقصود، ومعه يكون الأنسب في معنى الوسيلة أنها ما يتم به التوصل والتقرب.
هذا هو التوسل في معناه اللغوي الجامع.
أما التوسل إلى الله تعالى في معناه الاصطلاحي، فهو أن يتقرب العبد إلى الله تعالى بشيء يكون وسيلة لاستجابة الدعاء ونيل المطلوب (4). وهو ما جاء به قوله تعالى:
(ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) فهم بعد استغفارهم يتخذون من استغفار الرسول لهم وسيلة لنيل توبة الله عليهم ورحمته إياهم. وهذا توسل بدعاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حياته.