ومما يدل على ذلك أيضا ما رواه ابن أبي الحديد في شرحه لخطبة أمير المؤمنين (عليه السلام): (حتى يظن الظان أن الدنيا معقولة على بني أمية) قال: وهذه الخطبة طويلة، وقد حذف الرضي (قدس سره) منها كثيرا، ومن جملتها:
(والله والله، لا ترون الذي تنتظرون حتى لا تدعون الله إلا إشارة بأيديكم وإيماضا بحواجبكم، وحتى لا تملكون من الأرض إلا مواضع أقدامكم، وحتى يكون موضع سلاحكم على ظهوركم، فيومئذ لا ينصرني إلا الله بملائكته، ومن كتب على قلبه الإيمان، والذي نفس علي بيده لا تقوم عصابة تطلب لي أو لغيري حقا، أو تدفع عنا ضيما، إلا صرعتهم البلية، حتى تقوم عصابة شهدت مع محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بدرا) (1).
وهو واضح الدلالة على رجعة أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الحياة الدنيا وقتاله الظالمين مع عصابة من الملائكة.
موقف العامة من الرجعة:
القول بالرجعة يعد عند العامة من المستنكرات التي يستقبح الاعتقاد بها، وكان المؤلفون منهم في رجال الحديث يعدون الاعتقاد بالرجعة من الطعون في الراوي والشناعات عليه التي تستوجب رفض روايته وطرحها، وكان علماء الجرح والتعديل ولا يزالون إذا ذكروا بعض العظماء من رواة الشيعة ومحدثيهم ولم يجدوا مجالا للطعن فيه لوثاقته وورعه وأمانته، نبذوه بأنه يقول بالرجعة، فكأنهم يقولون يعبد صنما أو يجعل لله شريكا، فكان هذا الاعتقاد من أكبر ما تنبز به الشيعة الإمامية ويشنع به عليهم.
ولنأخذ مثالا على ذلك جابر بن يزيد الجعفي، فالثابت عند أغلب