من أين جاء العلم للأئمة (ع) بعمل الأمة وهنا قد يأتي سؤال يفرض نفسه بنفسه فيقال: من أين جاء العلم للأئمة بكل أعمال الأمة وأعمال الناس جميعا، وهم أفراد من الأمة حتى يشهدوا عليهم وعلى غيرهم بكامل أعمالهم وحقائقها؟ فنقول: ان علمهم باعمال الناس أجمعين مع حقائق أعمالهم وعقائدهم لا من عند أنفسهم، ولو قلنا أنهم (ع) علموا ذلك من أنفسهم بأنفسهم لكان ذلك شركا بالله وكفرا به، ولكن الله جل وعلا لما جعلهم حججا على عباده، وجعل لهم الولاية العامة على الناس بعد ولايته وولاية رسوله (ص) بقوله: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ([المائدة / 56].
وقد اجمع المفسرون ان هذه الآية المباركة كانت قد نزلت في علي أمير المؤمنين (ع) حينما تصدق بخاتمه في الصلاة وهو راكع، وهي جارية في أبنائه من الأئمة الطاهرين من بعده (1).
فهؤلاء الأئمة هم الذين تولى الله سبحانه تعليمهم بكامل أعمال الأمة والناس أجمعين بما آتاهم من العلم الواسع الغزير، وبما أطلعهم عليه من تصرفات الناس وسلوكها ونواياها، وأشار إلى ذلك في بعض الآيات القرآنية النازلة فيهم (ع).
ومن تلك الآيات قوله تعالى: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون ([العنكبوت / 148].