يجيب بعض المفسرين والمحدثين عن هذا الإشكال الحقيقي البين ببعض الأحاديث، وينسبونها إلى النبي (ص) ومضمونها: أن هذه الأمة تشهد على الأمم الماضية كأمة نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، حيث ان هذه الأمم تنكر أن يكون قد جاءهم نذير ورسول من الله، يقولون: ما آتانا من نذير، وما آتانا من أحد، فيقال للرسول ك (نوح وغيره): هل بلغت؟ فيقول: نعم، فيقال له: من يشهد لك؟ فيقول: محمد (ص) وأمته، فيدعى بمحمد وأمته فيقال لهم: هل بلغ هذا قومه؟ فيقولون: نعم، فيقال: ما علمكم؟ جاءنا نبينا فأخبرنا إن الرسل قد بلغوا، فذلك قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا (أي عدلا (1).
وأقول: على فرض صحة هذا الخبر، فالقرينة دالة على أن الأمة الشاهدة مع نبيها إنما هم أهل بيته أئمة الهدى الاثني عشر، لا الأمة كلها يدعى بها لتشهد، فإن هذا غير معقول ولا مقبول، هذا من جهة.
ومن جهة ثانية إن الشاهد يجب أن يكون عادلا وإلا لا يصح الاستشهاد به في الدنيا فضلا عن الآخرة، قال تعالى: (وأشهدوا ذوى عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ([الطلاق / 3].
والحال الأمة الإسلامية - بحكم الضرورة والبداهة - فيها العادل والظالم، والمؤمن والمنافق، والبر والفاجر، فكيف يستشهد الله تعالى بهم جميعا؟ هذا ما لا يرتضيه العقل ويخالف الوجدان والذوق والمنطق السليم، والتحليل العلمي ويخالف أيضا القرآن العظيم، يقول تعالى