خلق الله روح الإمام قبل الخلق برأه " أي خلقه " ظلا قبل خلق - أي - نسمة عن يمين عرشه محبوا بالحكمة في علم الغيب عنده، اختاره بعلمه، وانتجبه لطهره، بقية من آدم (ع) وخيرة من نوح (ع) ومصطفى من آل إبراهيم، وسلالة من إسماعيل، وصفوة من عترة محمد (ص) لم يزل مرعيا بعين الله يحفظه ويكلؤه بستره مطرودا عنه حبائل إبليس وجنوده، مدفوعا عنه وقوب الغواسق " أي يدفع عنه حوادث الظلام في الليالي " ونفوذ كل غاسق، مصروفا عنه قوارف السوء، مبرءا من العاهات محجوبا من الآفات معصوما من الزلات، مصونا عن الفواحش كلها، معروفا بالحلم والبر في يفاعه، " أي في أوائل سنه قبل احتلامه " منسوبا إلى العفاف والعلم والفضل عند انتهائه، مسندا إليه أمر والده، صامتا عن المنطق في حياته، فإذا انقضت مدة والده إلى أن انتهت به مقادير الله إلى مشيئته، وجاءت الإرادة من الله فيه إلى حجته، وبلغ مدة والده صلى الله عليه وسلم فمضى وصار أمر الله إليه من بعده، وقلده دينه، وجعله الحجة على عباده فقيمه في بلاده، وأيده بروحه، وآتاه علمه، وأنبأه فصل بيانه " أي أعطي فصل الخطاب الذي يفصل بين الحق والباطل " واستودعه سره، وأنتدبه لعظيم أمره، وأنبأه فضل بيان علمه، ونصبه علما لخلقه، وجعله حجة على أهل عالمه، وضياء لأهل دينه، والقيم على عباده، رضي الله به إماما لهم، استودعه سره، وأستحفظه علمه، واستحباه واسترعاه لدينه، وانتدبه لعظيم أمره، وأحيى به مناهج سبيله وفرائضه وحدوده، فقام بالعدل عند تحير أهل الجهل، وتحيير أهل الجدل، بالنور الساطع، والشفاء النافع، بالحق الأبلج، والبيان اللائح من كل
(٩٠)