روى الكليني في (أصول الكافي) بسنده عن إسحاق بن غالب عن أبي عبد الله الصادق (ع) أنه قال في خطبة له يذكر فيها حال الأئمة (ع) وصفاتهم قال: ان الله عز وجل أوضح بأئمة الهدى من أهل بيت نبينا عن دينه، وأبلج بهم عن سبيل منهاجه، وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه، فمن عرف من أمة محمد (ص) واجب حق إمامه وجد طعم حلاوة إيمانه، وعلم فضل طلاوة إسلامه، " أي حسنه وبهجته "، لأن الله تبارك وتعالى نصب الإمام علما لخلقه، وجعله حجة على أهل مواده وعالمه " أهل مواده، أي أهل زياداته وعطاياه المتصلة المتواترة غير المنقطعة مطيعين كانوا أو عاصين من العالمين يكون الإمام حجة عليهم " وألبسه الله تاج الوقار، وغشاه من نور الجبار، يمد بسبب إلى السماء لا ينقطع عنه مواده، ولا ينال ما عند الله إلا بجهة أسبابه، ولا يقبل الله أعمال العباد إلا بمعرفته، فهو عالم بما يرد عليه من متلبسات الدجى، ومعميات السنن، ومشبهات الفتن، فلم يزل الله تبارك وتعالى يختار لخلقه من ولد الحسين (ع) من عقب كل إمام، يصطفيهم لذلك، ويجتبيهم ويرضى بهم لخلقه ويرتضيهم، كل ما مضى منهم - واحد - نصب لخلقه من عقبه إماما بينا، وهاديا نيرا، وإماما قيما، وحجة عالما، أئمة من الله، يهدون بالحق وبه يعدلون، حجج الله ودعاته ورعاته على خلقه، يدين بهديهم العباد، وتستهل بنورهم البلاد، وينمو ببركتهم التلاد، " التلاد القديم وهو نقيض الطارف " جعلهم الله حياة للأنام، ومصابيح للظلام ومفاتيح للكلام، ودعائم للإسلام، جرت بذلك فيهم مقادير الله على محتومها، فالإمام هو المنتخب المرتضى الهادي المنتجى، والقائم المرتجى، اصطفاه الله بذلك واصطنعه على عينه في الذر حين ذرأه في البرية.
(٨٩)