التحقيق في الإمامة و شؤونها - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٨٤
وأحسن من قال:
يا بن عم النبي إلا الله.
ليس يدري بكنه ذاتك ما هو.
ثم قال الإمام الرضا (ع) في حديثه: فأين الاختيار من هذا؟ وأين العقول عن هذا؟ وأين يوجد مثل هذا؟ أظنوا أن يوجد ذلك في غير آل الرسول (ص)؟ كذبتهم والله أنفسهم ومنتهم الباطل، فارتقوا مرتقى صعبا دحضا (1)، تزل عنه إلى الحضيض أقدامهم، راموا إقامة الإمام بعقول بائرة ناقصة، وآراء مضلة، فلم يزدادوا منه إلا بعدا: (قاتلهم الله أنى يؤفكون ([التوبة / 3]، لقد راموا صعبا وقالوا فكا، و (ضلوا ضلالا بعيدا ([النساء / 168]، ووقعوا في الحيرة، إذ تركوا الإمام عن بصيرة (وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين ([العنكبوت / 29] (2).

(١) قول الله تعالى: " وكانوا مستبصرين " وقول الإمام في حديثه: تركوا الإمام عن بصيرة، (٢) ان النصان من القرآن والحديث يدلان - بوضوح - على أن تاركي إمامة الأئمة من آل محمد (ع) ما كانوا جاهلين بها، بل كانوا عارفين مستبصرين بأنها لهم دون = = غيرهم، بل قد عرفوا أيضا عظيم مقامهم واستحقاقهم لها، وتيقنوا ذلك، ومع ذلك عدلوا عنهم إلى غيرهم ظلما واستكبارا وتعاليا كما قال تعالى " وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين " [النمل / 15]، ولذلك - كما لا يخفى - أسباب كثيرة ومجملها أن الأئمة من آل محمد (ع) على الحق ومع الحق، وطبيعة الغالب من الناس والكثير منهم الكره للحق كما قال تعالى: " أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون (69) أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون (70) ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون " [المؤمنون / 70 - 72]، وقال تعالى: " لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون " [الزخرف / 79].
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»