التحقيق في الإمامة و شؤونها - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٤٥
لما احتج بها ابن عباس في موضوع الإمامة، ولرد عليه عمر في محاورته معه، وهناك آيات اخر تصرح بأن الاختيار بيد الله لا بيد غيره مثل قوله تعالى: (الله أعلم حيث يجعل رسالته ([الأنعام / 125]، وقوله تعالى: (ولقد اخترناهم على علم على العالمين ([الدخان / 33]، وقوله تعالى: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ([الملك / 15].
ومن آيات الكتاب التي تدل على عدم الخيرة للناس حتى المؤمنين منهم قوله تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ([الأحزاب / 37].
والظاهر ان المراد من القضاء في هذه الآية هو القضاء التشريعي دون التكويني، وهو ما شرعه الله وحكم به تشريعيا في شيء مما يرجع إلى أعمال العباد في شأن من شؤونهم بواسطة رسول من رسله (1)، والمعنى ليس لأحد من المؤمنين والمؤمنات إذا قضى الله ورسوله التصرف في أمر من أمورهم أن يثبت لهم الاختيار بغير ما شرع الله لهم بحجة انتساب ذلك الأمر إليهم وكونه أمرا من أمورهم فيختاروا منه غير ما قضى الله ورسوله، لا، بل عليهم أن يتبعوا إرادة الله وإرادة الرسول فهي المتقدمة على غيرها من الإرادات.
ووجه الاستدلال بهذه الآية الكريمة نقول: الإمامة أن كانت مما قضى الله بتركها وعدم تشريعها مثلا - وحاشا اللطيف الخبير تركها - فلا

(1) راجع تفسيرها في (الميزان) ج 16 ص 340 ط الأولى وغيره من التفاسير.
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»