الله الذين هم حقيقة عباد لله قد استشعروا في نفوسهم حقيقة العبودية له هم الأنبياء عليهم السلام وأوصياؤهم، والله سبحانه وتعالى ينفي أن يكون له على عباده هؤلاء سلطان بأن يوقعهم في معصية. ومخالفة لله سبحانه وتعالى مخالفة منهي عنها بأمر تحريمي مولوي لا إرشادي تنزيهي.
وأما بالنسبة لإشكالك فأقول لك: لقد أثبتنا لك أعلاه أن مناصرة موسى عليه السلام للقبطي ليست معصية ولا ذنب ولا شئ (كذا) من ذلك، فقط إن موسى عليه السلام قد استعجل في القضاء على القبطي المستحق للقتل باعتبار أنه من أتباع فرعون وكان الأولى أن لا يقتله لا لأنه غير مستحق للقتل، بل لأن في قتله له صار موسى عليه السلام مطالبا من قبل فرعون وسلطته، وعرض نفسه للخطر بل والموت إن قبض عليه حيث سيقتص منه بسبب قتله للقبطي.. إلى غيرها من الآثار السلبية التي حصلت ونجمت عن ذلك، كما يذكرها القرآن الكريم.
وطبعا لا أحد يقول إنه ينبغي أن نقتدي بموسى عليه السلام في مثل هذا الفعل والقضاء على الخصم في حالة ما إذا كانت الآثار السلبية كبيرة وخطيرة جدا على الفرد نفسه أو على الجماعة والإيجابيات أقل.
فما دام وضح وتبين لنا أن هذا الفعل الصادر من هذا النبي (موسى) كان من قبيل الخطأ غير المقصود، أو من قبيل المخالفة للأولى، لا مجال للاقتداء به فيه ولا ينبغي الاقتداء بذلك.
ومجال الاقتداء بالمعصوم - سواء الاقتداء الواجب أو المندوب - في فعله هو في غير ما لم يثبت أن فعله هذا خلاف الأولى.
ونقاشنا ليس حول ذلك بل حول صدور المعصية من الأنبياء.