النقطة الثانية: إذا لم يكن للغنى أي دخل في الآية، فلم تمت المقابلة بين شخصين من استغنى وهو كافر مستكبر، ومن جاء يسعى وهو مؤمن يخشى الله، وهذه المقابلة تعني أن لكل عنوان تأثيره في هذا اللوم المذكور في الآية بالتصدي والتلهي. وهذا يعني أن السورة في صدد التعريض بالمتصدي للأغنياء والغافل عن الأتقياء. وفي هذا (إثبات) إساءة أخلاقية بلا شك لمن نزلت السورة فيه.
النقطة الثالثة: لا مانع أن تكون السورة في مقام توجيه النبي (ص) إلى الاهتمام بالفئة المستضعفة التي تخشى الله وعدم الانشغال بالأغنياء ولكن لا يعني ذلك أن تكون السورة نازلة في النبي (ص) بل التوجيه يمكن القول به أيضا لو قلنا أن السورة نزلت في غير النبي (ص). فلا مشكلة في التوجيه المذكور في النقطة بل في المحاذير الحاصلة لو قلنا: بأن المقصود من العابس هو النبي (ص).
والخلاصة: أنه لا ينبغي الخلط بين ما تهدف إليه السورة وبين من نزلت فيه السورة.
النقطة الرابعة: آيات سورة الحاقة في مقام بيان صدق النبي (ص) فيما ينسبه إلى الله عز وجل، بحيث أنه لو تقول وافترى على الله شيئا لوقع عليه العذاب، وهل يعقل في أي نبي من الأنبياء فضلا عن الصادق الأمين وأفضل الأنبياء أن يفتري ويكذب شيئا على الله؟؟!!
يقول العلامة الطباطبائي في تفسيره الميزان ج 19 ص 405:
فالآيات في معنى قوله: لولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا، إذن لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا. الإسراء: