ولم يكن قدومهم إليك من أجل الهداية، بل كان ذلك - ربما - من أجل الضغط عليك بطريقتهم الخاصة لتترك الرسالة، أو لتدخل معهم في حسابات التسويات، لتقدم التنازلات ضد مصلحة الرسالة. وهذا ما يريد الله أن يعرفك إياه من خلال ما يعلمه من خفايا هذا الإنسان وجماعته، وما قد تعرفه من خلال تجربتك الحسية في المستقبل.
وأما من جاءك يسعى: للحصول على المعرفة، وهو يخشى، الله في نفسه وفي مسؤوليته في الدعوة، وفي المهمات الأخرى الموكلة إليه مما قد يتوقف على سعة المعرفة.
فأنت عنه تلهى: لأنك تحسب أن إيمان هؤلاء الصناديد قد ينفع الإسلام أكثر من نمو إيمان هذا الأعمى، الذي يمكن أن يؤجل السؤال لوقت آخر..
ولكن المسألة ليست كذلك، لأن هذا الأعمى وأمثاله، قد يمثلون مسؤوليتك المباشرة كرسول يعمل على تنمية خط الدعوة بتنمية الدعاة من حوله، من أجل أن يوفروا عليك بعض الجهد، أو يوسعوا ساحة الدعوة في مواقع جديدة.
وهذا ما يريد الله أن يفتح قلبك عليه، فيما يريد لك من تكامل الوعي، وسعة الأفق وعمق النظرة للأمور.. ولا مانع من أن يربي الله رسوله تدريجيا، ويثبت قلبه بطريقة متحركة، في حركة الدعوة تبعا لحاجتها إلى ذلك، تماما كما كان إنزال القرآن تدريجيا من أجل الوصول إلى هذه النتائج.
والحمد لله رب العالمين.