ويمكن أن يكون الخطاب في الآيات أولا للنبي صلى الله عليه وآله، من باب: إياك أعني واسمعي يا جارة. والأول أقرب، وألطف ذوقا.
وبعض الرويات تتهم عثمان بهذه القضية، وأنه هو الذي جرى له ذلك مع ابن أم مكتوم. ولكننا نشك في هذا الأمر، لأن عثمان قد هاجر إلى الحبشة مع من هاجر. فمن أين جاء عثمان إلى مكة، وجرى منه ما جرى؟!
إلا أن يقال: إنهم يقولون: إن أكثر من ثلاثين رجلا قد عادوا إلى مكة بعد شهرين من هجرتهم كما تقدم، وكان عثمان منهم ثم عاد إلى الحبشة.
وعلى كل حال، فإن أمر اتهام عثمان أو غيره من بني أمية لأهون بكثير من اتهام النبي المعصوم، الذي لا يمكن أن يصدر منه أمر كهذا على الاطلاق.
وإن كان يهون على البعض اتهام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بها أو بغيرها، شريطة أن تبقى ساحة قدس غيره منزهة وبريئة!!.
ونسجل أخيرا: تحفظا على ذكر المؤرخين لرواية ابن مكتوم ونزول سورة عبس، بعد قضية الغرانيق؟ فإن الظاهر هو أن هذه القضية قد حصلت قبل الهجرة إلى الحبشة لأن عثمان كان قد هاجر إلى الحبشة قبل قضية الغرانيق بشهرين كما يقولون. إلا أن يكون عثمان قد عاد إلى مكة مع من عاد بعد أن سمعوا بقضية الغرانيق كما يدعون. ومما تجدر الإشارة إليه هنا: أن بعض المسيحيين الحاقدين قد حاول أن يتخذ من قضية عبس وتولى وسيلة للطعن في قدسية نبينا الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن الله يأبى إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.