عليه وآله أن يخالف ذلك، ويميز الكافر لما له من وجاهة على المؤمن؟.
والقول: بأنه إنما فعل ذلك لأنه يرجو إسلامه، وعلى أمل أن يتقوى به الدين، وهذا أمر حسن، لأنه في طريق الدين، وفي سبيله. لا يصح، لأنه يخالف صريح الآيات التي تنص على أن الذم له كان لأجل أنه يتصدى لذاك الغني لغناه، ويتلهى عن الفقير لفقره. ولو صح هذا، فقد كان اللازم أن يفيض القرآن في مدحه وإطرائه على غيرته لدينه، وتحمسه لرسالته؟. فلماذا هذا الذم والتقريع إذن.
ونشير أخيرا: إلى أن البعض قد ذكر: أنه يمكن القول بأن الآية خطاب كلي مفادها: أن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا رأى فقيرا تأذى وأعرض عنه.
والجواب: أولا: إن هذا يخالف القصة التي ذكروها من كونها قضية في واقعة واحدة لم تتكرر..
وثانيا: إذا كان المقصود هو الإعراض عن مطلق الفقير؟. فلماذا جاء التنصيص على الأعمى؟!
وثالثا: هل صحيح أنه قد كان من عادة النبي ذلك؟!!
فيتضح مما تقدم: أن المقصود بالآيات شخص آخر غير النبي صلى الله عليه وآله ويؤيد ذلك: ما روي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أنه قال:
كان رسول الله إذا رأى عبد الله بن أم مكتوم قال: مرحبا، مرحبا، والله لا يعاتبني الله فيك أبدا. وكان يصنع به من اللطف، حتى يكف عن النبي مما كان يفعل به.
فهذه الرواية تشير إلى أن الله تعالى لم يعاتب نبيه في شأن ابن أم مكتوم، بل فيها تعريض بذلك الرجل الذي ارتكب في حق ابن أم مكتوم تلك