لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا. ولولا أن نتبناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا. إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا به نصيرا) الإسراء 73 - 75. وقوله تعالى: لئن أشركت ليحبطن عملك..
وغير ذلك من الآيات، لأن القضية ترقى إلى المستوى الكبير من الأهمية، بحيث لولاها لانحرفت مسيرة الرسالة بانحراف الرسول أو القائد، للإيحاء بأن هذه القضية لا تقبل التهاون حتى في الموارد المستبعدة منها، وذلك، من أجل أن يفهم الدعاة من بعد النبي (ص)، بأن عليهم أن يقفوا في خط الاستقامة ، حتى بالمستوى الذي لا يمثل تصرفهم فيه عملا غير أخلاقي، لأن الغفلة عن الخطوط الدقيقة في المسألة، قد تجر إلى الانحراف بطريقة لا شعورية.
النقطة الخامسة: إن القرآن الكريم قد عمل على تثبيت شخصية النبي (ص) وتأديبه بأدب الله، فيما يريد الله له أن يأخذ به من الكمال الروحي والأخلاقي والعملي، مما يلقي إليه الله علمه، مما قد يختلف عن الخط المألوف عند الناس. ولعل هذه المسألة تدخل في هذه الدائرة، لأن المعروف هو الاهتمام بالأغنياء لقدرتهم على التأثير في المجتمع بطريقة فاعلة كبيرة، بينما لا يملك المستضعفون الفقراء مثل ذلك، فتكون النظرة - على هذا الأساس - نظرة رسالية.. لكنها قد تترك تأثيرا سلبيا على النظرة العامة لسلوك الرسول، لأنهم قد يفكرون بالجانب السلبي في القضية، وهو ملاحظة جانب الغنى في الاهتمام بالأغنياء من جهة النظرة الذاتية إلى قيمة الغنى في المجتمع، فتأتي الآيات لتثير الموضوع، وبهذه الطريقة، لإبعاد السلوك عن الصورة السلبية من حيث الشكل، حتى لو لم تكن هناك سلبية من حيث المضمون، مع ملاحظة مصلحة الدعوة في ذلك كله، وهذا ما نستوحيه من قوله تعالى: (واصبر