كما أنني ذكرت لك سابقا أن نصرة موسى عليه السلام للإسرائيلي لو كانت ذنبا ومعصية - كما تدعي - لما هب لنصرة الإسرائيلي مرة أخرى كما هو ظاهر قوله تعالى: (فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسى إنك لغوي مبين. فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس... الخ). خصوصا بعد أن أعطى الله سبحانه وتعالى عهدا وقطعه على نفسه بأنه لن يكون ظهيرا للمجرمين، فهذا دليل على أن نصرة الإسرائيلي في ذاتها ليس فيها إشكال ولا أنها معصية، وإلا لما كرر موسى عليه السلام ذلك - أي النصرة - بعد أن أعطى الله عهدا بأنه لن يكون ظهيرا للمجرمين.
ثالثا: بعد أن أثبتنا أن نفس النصرة لم تكن معصية، فإن الوكزة أيضا لم تكن معصية، لأن نصرة موسى عليه السلام للإسرائيلي إما أن تكون جائزة أو غير جائزة، وقد أثبتنا بالدليل في [ثانيا أعلاه أنها لم تكن محرمة، فبقي أنها جائزة، فإذا كانت جائزة لم يكن في فعلها معصية.
رابعا: وأما القتل فعلى قولك [لم يكن مقصودا فهو خطأ] فهو إذا لا يكون معصية، لأنه لا أحد يقول بأن القاتل الناشئ قتله من الخطأ وبدون قصد وإرادة منه للقتل يكون مرتكبا للذنب لا صغيرا ولا كبيرا. وعلى قولنا أيضا لا يكون القتل الصادر من موسى عليه السلام معصية، لأن القبطي كان مستحقا للقتل، لأنه كان من أعوان وجنود فرعون بدليل قوله تعالى: (من عدوه) فهؤلاء الفرعونيون قد مارسوا مع الإسرائيليين أبشع الجرائم وأفظعها كما يحكي لنا القرآن الكريم ذلك، ولكن الخطأ الذي وقع منه عليه السلام والاستعجال في قتله الذي كانت له نتائج سلبية كبيرة، حيث أصبح موسى