مقامهم الاجتماعي، يجهدون أنفسهم في العمل، فعلى سبيل الاستشهاد أن الإمام عليا (عليه السلام) قد أعتق من كد يده جماعة لا يحصون كثرة، ووقف أراضي كثيرة وعينا استخرجها وأحياها بعد موتها (1). وسلك ذات المسلك ولده من بعده، كانوا يعملون لخدمة الناس فينقلون على ظهورهم الجراب وفيها الدقيق والأطعمة إلى المحتاجين والفقراء. وكانوا يعملون بأيديهم الكريمة في الشمس المحرقة حبا للعمل واحتسابا لله، حتى عرضوا أنفسهم في بعض الأحيان لسهام النقد المسمومة وقوارص الكلام، ومن الشواهد ذات الدلالة ما ورد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (إن محمد بن المنكدر كان يقول: ما كنت أرى أن مثل علي بن الحسين (عليه السلام) يدع خلفا لفضل علي بن الحسين (عليهما السلام) حتى رأيت ابنه محمد بن علي فأردت أن أعظه فوعظني فقال له أصحابه بأي شئ وعظك؟ قال: خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيت محمد بن علي (عليهما السلام) وكان رجلا بدينا وهو متكئ على غلامين له أسودين أو موليين له، فقلت في نفسي شيخ من شيوخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا لأعظه فدنوت منه فسلمت عليه فسلم علي بنهر وقد تصبب عرقا فقلت أصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذا الحال في طلب الدنيا لو جائك الموت وأنت على هذه الحال قال: فخلى عن الغلامين من يده ثم تساند وقال لو جائني والله الموت، وأنا في هذه الحال جائني وأنا في طاعة من طاعات الله أكف بها نفسي عنك وعن الناس وإنما كنت أخاف الموت لو جائني وأنا على معصية من معاصي الله فقلت يرحمك الله أردت أن أعظك
(٣٠)