ليس مرادفا للموت، بل معناه الأخذ التام وهو يتحقق تارة بالإماتة، وأخرى بالنوم وثالثة بالأخذ من بين الناس والمجتمع، فلا يدل ظاهر الآية إلا على المعنى الجامع، ولا يصبح لأحد الفريقين (القائل بإماتته، أو القائل برفعه حيا) التمسك به لتأييد مذهبه. وقد عرفت دلالة الآيتين السابقتين على رفعه حيا فالآيات يفسر بعضها بعضا.
خلاصة ما سبق في الآيات الثلاث:
تدل الآية الأولى على أنه سبحانه وعد المسيح بأنه آخذه ورافعه إليه، لا أنه مميته ورافعه إليه، والاشتباه حصل في جعل " التوفي " بمعنى الإماتة ومفادها أنه سبحانه وعد المسيح بأخذه من يد اليهود ورفعه إليه حتى لا يتمكنوا من قتله وصلبه.
وأما تعيين مصيره بعد الرفع، وأنه هل بقي حيا لحد الآن أم لا؟ فلا تدل الآية على شئ منه، بل الآية تدل على أنه كان حيا عند الأخذ والرفع، وأن ظرف الرفع هو نفس ظرف وزمان الهجوم الذي قام به اليهود عليه.
وتدل الآية الثانية على نفس ما دلت عليه الآية الأولى غير أن دلالتها على ذلك المعنى أظهر، فهي تدل على أنه سبحانه خلص المسيح من أيدي الطواغيت ولم يتمكنوا من قتله وصلبه، وتحقق بذلك الأمر برفعه (حيا) دون أن تنال منه اليهود.
ولو كان الرفع مقرونا بالإماتة فهو لا يناسب الآية، لأن الله تعالى بصدد امتداح نفسه في هذه الآية بإنقاذ وتخليص نبيه من أيدي أعدائه المهاجمين، والأنسب لهذا الموقف هو رفعه حيا لا إماتته ثم رفعه ميتا، لأنه ليس في هذا ما يوجب امتداحا للرفع.