الإيمان والكفر - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٥٧
وبعبارة أخرى: أن الآية في مقام بيان الامتنان على المسيح وهذا موافق مع رفع الله له حيا لا ميتا كما أن تفسيره برفع الدرجة من دون فرض لإنجائه من أيدي الطواغيت يجعل الكلام منقطع الصلة عما قبله. ومثله ما تعلق بروحه فقط وترك بدنه بين الأعداء نعم تختلف الآيتان في أن الأولى مشتملة على لفظين (التوفي والرفع) والثانية مشتملة على خصوص الرفع.
والآية الثالثة راجعة إلى خطاب المسيح إلى الله سبحانه يوم القيامة والبعث حيث قال: * (فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم) * والتوفي هناك هو نفس التوفي في الآيات السابقة، بمعنى الأخذ والمعنى في الجميع واحد.
إلى هنا تم توضيح الآيات الثلاث الدالة على أن عيسى رفع حيا.
وأما مصيره بعد الرفع وأنه هل بقي حيا أو لا، فلا تدل هذه الآيات على شئ من ذلك، نعم يدل عليه ما نتلوه عليك من الآية الرابعة والخامسة وإليك توضيحها.
تفسير الآية الرابعة:
وأما الآية الرابعة أعني قوله تعالى: * (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا) * (1).
فقد فسر بنزول " عيسى " توضيحها: هو أن * (إن) * نافية بمعنى " ما " والمبتدأ محذوف يدل عليه سياق الكلام، فيكون معنى الآية: " ما أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به " والضمير في قوله: " به " يرجع إلى المسيح بلا نقاش إنما الكلام في قوله: * (قبل موته) * فهل يرجع الضمير فيه أيضا إلى المسيح، أو يرجع إلى " أحد " المقدر؟ كلاهما محتمل ولا يمكن لأول وهلة القطع بأي واحد من الاحتمالين،

1. سورة النساء: الآية 159.
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»