الإيمان والكفر - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٥١
رافعك الآن ومميتك بعد النزول من السماء في الحين الذي قدر لك، وعلى هذا فهو قد رفع حيا بجسمه وروحه، وإنه سينزل في آخر الزمان فيحكم بين الناس بشريعتنا ثم يتوفاه الله ".
2 - " إن الآية على ظاهرها، وأن التوفي هو الإماتة العادية وأن الرفع بعده للروح، ولا غرابة في خطاب الشخص وإرادة روحه، فالروح هي حقيقة الإنسان والجسد كالثوب المستعار يزيد وينقص ويتغير، والإنسان إنسان لأن روحه هي هي.
والمعنى: إني مميتك وجاعلك بعد الموت في مكان رفيع عندي كما قال تعالى في إدريس - عليه السلام -: * (ورفعناه مكانا عليا) * (1).
وحديث الرفع، والنزول آخر الزمان، حديث آحاد يتعلق بأمر اعتقادي، والأمور الاعتقادية لا يؤخذ فيها إلا بالدليل القاطع من قرآن وحديث متواتر، ولا يوجد هنا واحد منها.
أو أن المراد بنزوله وحكمه في الأرض، غلبة روحه، وسر رسالته على الناس، بالأخذ بمقاصد الشريعة دون الوقوف عند ظواهرها، والتمسك بقشورها دون لبابها " (2).
ويلاحظ على هذا الكلام: أن كلا الوجهين غير تامين:
أما الأول: فلأنه مبني على تفسير " متوفيك " بمعنى " مميتك " ولذلك التجأ إلى القول بأن في الآية تقديما وتأخيرا لتقدم رفعه على إماتته التي تتحقق بعد النزول من السماء في الحين الذي قدر له.

1. سورة مريم: الآية 57.
2. تفسير المراغي: 3 / 169.
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»