معنى " التوفي " أخذ الشئ وافيا، ولما علم الله تعالى إن من الناس من يخطر بباله أن الذي رفعه الله إليه هو روحه دون جسده كما زعمت النصارى إن المسيح رفع لاهوته يعني روحه وبقي في الأرض ناسوته يعني جسده فرد الله عليهم بقوله:
* (إني متوفيك ورافعك إلى) * فأخبر الله أنه رفعه بتمامه إلى السماء بروحه وجسده جميعا إلى السماء (1).
فالكل كناية عن الاستظلال بظل عنايته ورحمته، من دون شوب تجسيم أو غيره.
نعم، إن ما تدل عليه الآية هو أن المسيح رفع بجسمه وبدنه حيا إليه سبحانه، وأما كونه حيا لحد الآن فلا يستفاد من الآية، بل لا بد للقول بحياته الباقية إلى الآن من دليل آخر وسيوافيك بيانه كما سيجئ توضيح للمقام عند تفسير الآية الثانية.
تفسير الآية الثانية:
وأما الآية الثانية: وهي قوله: * (إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا * بل رفعه الله إليه وكان الله عزيرا حكيما) * (2) فإن الآية ظاهرة في عدم موت المسيح (عندما هجم عليه أعداؤه) بالصلب ولا بأي سبب طبيعي آخر، وذلك لأن اليهود لما ادعوا قتله وصلبه، نزلت الآية حينئذ لتكذيب خصوص هذا الزعم وتفنيد هذا الادعاء وإثبات أنه - عليه السلام - لم يقتل ولم يصلب كما ادعي اليهود، بل رفع وحفظ من كيدهم، فيكون مفاد الآية، هو رفع عيسى حيا من بين الأعداء، فالرفع تعلق بما تعلق به