وهذا النوع من التفسير لا يليق بشرف كلامه سبحانه، إذ لا وجه لتقديم الإماتة على الرفع مع كون الحقيقة على العكس.
وأما الثاني: فلأن الرفع تعلق ب " عيسى " وهو علم للشخص الخارجي، أعني البدن الماثل أمام الأبصار وكون حقيقة الإنسان هي الروح لا يصحح الخطاب للشخص الخارجي.
فإذا قال شخص: جاء زيد وأكل عمرو، فلا تصح نسبة الفعلين إلى الروح بحجة أن حقيقة الإنسان هي الروح، بل الظاهر أن المسيح رفع بعنصره الخارجي وشخصه وهيكله الماثل بين الأصدقاء والأعداء، كما لا يصح تفسير الآية بتعلق الرفع بالروح كذلك لا يصح تفسيرها بعلو الدرجة، وكون الرفع رفعا معنويا قياسا على قوله تعالى: * (ورفعناه مكانا عليا) * فإن قوله: * (مكانا عليا) * ربما يكون شاهدا في المقيس عليه لا في المقيس (1).
على أن الرفع هناك معنوي لا حسي بخلاف المقام، فإن القرينة فيه على العكس، وإن الرفع حسي وعلى هذا ينحصر تفسير الآية على الوجه التالي:
" متوفيك ": أي آخذك، ومخلصك من أيدي الأعداء، ولما كان أخذه وتخليصه يتوقف على نقله إلى مكان آخر، أشار إلى مكانه بقوله: * (ورافعك إلي) *: أي إلى نقطة عالية ولا تعني لفظة " إلى " من هذه الجملة أو لفظة " إليه " في الآية التالية: " بل رفعه الله إليه " سوى ما يعنيه قوله في حق الشهداء المقتولين في سبيل الله بأنهم: * (أحياء عند ربهم يرزقون) *.
نعم ذكر " الخازن " وجها آخر للجمع بين " متوفيك " و " رافعك " وقال: إن