النصارى أنه قتل وصلب، وسياق الآيات دليل على ذلك فقد قال تعالى: * (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم) * إلى أن قال: - * (وما قتلوه يقينا * بل رفعه الله إليه) * (1).
ثم ذكر تعالى هذه الآية: * (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته) *. (2) وأما تعيين ظرف ذلك الإيمان فيرجع فيه إلى الروايات المتضافرة التي ستوافيك وتدل على أنه سينزل آخر الزمان حكما عدلا، وأنه يأتم بإمام المسلمين وهو الذي يقتل الدجال وعندئذ يؤمن به كل كتابي حي في أديم الأرض.
وأما المعنى الثاني، يعني: إرجاع الضمير إلى الكتابي، فيكون معنى الآية:
أن كل كتابي يؤمن بالمسيح قبل أن يموت ذلك الكتابي، فاليهودي الكافر بنبوة عيسى، يؤمن بها عند موته، والنصراني القائل بألوهيته، يصدق بأنه نبي مرسل، لانكشاف الحقائق عند الموت، وحينئذ يطرح هذا السؤال نفسه:
هل هذا الإيمان محسوس لغير الكتابي، أو إيمان لا يحس به غيره؟
والأول خلاف المشاهد والملموس منهم، إذ لا نشاهده عند موت أهل الكتاب، وعلى الثاني: فالموت وإن كان يقارن رفع الحجب والأستار لقوله سبحانه: * (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون * لعلي أعمل صالحا فيما تركت) * (3) وغيره من الآيات، ولكن هذا الإيمان الاضطراري لا يختص بأهل الكتاب أولا، كما لا يختص بمسألة المسيح ثانيا، إذ عندئذ تنكشف الحقائق على ما هي عليه من دون اختصاص بهذه المسألة وما فائدة هذا الإيمان الاضطراري بالمسيح ثالثا، وقد قال تعالى: * (وليست التوبة للذين يعملون