عليه بلا قرينة ولا شاهد، صحيحا، كما ارتكبه المستدل وفسره بالموت، بل قوله سبحانه: * (ورافعك إلى) * شاهد على أن المراد هو الثالث فيكون المتبادر من الآية هو: إني آخذك وقابضك بين الناس ورافعك إلى. فتصير الآية دليلا على رفع المسيح حيا. لا إماتته ورفعه كما يتعاطاه المستدل حيث جعل ما هو ظاهر - بعد الإمعان - في رفعه حيا، دليلا على الإماتة، وما هذا إلا لأنه اتخذ رأيا مسبقا في حق المسيح، فساقه الرأي إلى تفسير الآية بخلاف ظاهرها.
وممن تفطن لهذا المعنى، هو ابن جرير في تفسيره حيث قال: وقال آخرون: معنى ذلك: إني قابضك من الأرض فرافعك إلى. قالوا: ومعنى الوفاة:
القبض، كما يقال: توفيت من فلان ما لي عليه، بمعنى قبضته واستوفيته، قالوا:
فمعنى قوله: إني متوفيك ورافعك: أي قابضك من الأرض حيا إلى جواري وآخذك إلى ما عندي بغير موت ورافعك من بين المشركين. - ثم إنه بعد ما ذكر وجوها في تفسير الآية - قال: قال أبو جعفر الطبري: وأولى هذه الأقوال بالصحة عندنا قول من قال: معنى ذلك: إني قابضك من الأرض ورافعك إلى، لتواتر الأخبار عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه ينزل عيسى ابن مريم فيقتل الدجال ثم يمكث في الأرض مدة (1).
وممن نبه بذلك واستعرض الموضوع عرضا تحقيقيا العلامة البلاغي - قدس سره - (2).
إذا عرفت ذلك فلنرجع إلى الوجهين اللذين نقلهما المراغي من المفسرين حول اللفظين " متوفيك " و " رافعك "، ومبنى الوجهين كون التوفي بمعنى الإماتة على ما اخترناه.
1 - " إن فيها تقديما وتأخيرا، والأصل: إني رافعك إلى ومتوفيك، أي إني