إن أعلام الشيعة منذ منتصف القرن الثالث ملأوا رسائلهم بنفي التحريف عن الكتاب العزيز، وربما وجد فيهم من اغتر ببعض المراسيل الموجودة في كتب الفريقين الروائية، ومع ذلك نجد أن المعارض يذكر الأخير ويتناسى تصريح مئات علماء الشيعة على عدم التحريف.
نحن الشيعة كلما تكلمنا عن تغلب معاوية على الأمة وابتزازه الإمرة عليها بغير رضا منها وقتله شيعة علي - عليه السلام - تحت كل حجر، وأخذه بالظنة والتهمة، وقتله الصحابي الجليل حجر بن عدي الكندي الذي أنهكه الورع والعبادة، والصحابي العظيم الآخر: عمرو بن الحمق بالوحشية والقسوة، إلى غير ذلك من فظائع الأعمال، وقبائح الأفعال.
قام أصحاب القلم من السنة بتبرير أعماله بالاجتهاد، وأنه كان مجتهدا فيما رأى وعمل.
وكلما تكلمنا عن عمرو بن العاص وخيانته التي ارتكبها في مسألة التحكيم والخدعة التي قام بها بوجه أبي موسى الأشعري، برروا عمله بأنه صدر منه عن اجتهاد.
وكلما تحدثنا عن جمل البصرة، وراكبته، وقائدة الجيش الجرار ضد الإمام المختار من قبل المهاجرين والأنصار، بل الإمام المنصوص عليه من قبل الله يوم الغدير في محتشد عظيم، قالوا: إنها كانت مجتهدة عارفة بوظيفتها.
وإذا قلنا: إنه سبحانه يأمرها بلزوم البيت النبوي بقوله عز من قائل: * (وقرن في بيوتكن) * (الأحزاب - 33) قالوا: إن أساس عملها الاجتهاد، وإن كانت خاطئة.
فإذا كان باب الاجتهاد واسعا إلى هذا الحد الذي يبرر به قتل النفوس المؤمنة، وتخضيب الأرض بالدماء الطاهرة، واستئصال الصحابة العدول، فلماذا