يدخل في اعتباره موضوع الهداية الربانية، وفيه سطحية عجيبة في فهم الأمور، بعيد كل البعد عن استيعاب أهداف الرسالة، يجعل مستساغا لهؤلاء الناس تبني مقولات تخلق تناقضات في بنية الدين، إذ ليس المطلوب في حالة الأمة الحاملة لأمانة الرسالة الإلهية استمرار نظام المجتمع كيفما كان، بل على نحو ينسجم مع الرسالة وتطلعاتها، وبما يتيح لها أن تتجذر وتنمو، وللأمة أن تتألق بها، لتكون قدوة للأمم، لتعين إمامها على أداء الرسالة لدورها العالمي، فكيف يكون هذا مع ولاية لا تمثل تطلعات الرسالة، ولا تنسجم مع مضمونها، أم كيف تستقيم أمور الأمة مع ولاية الفاسقين، أو مع ولاية منافق يكيد للدين، أم كيف ينوب مثل هؤلاء عن أعظم الرسل في وظيفته الربانية حيال الأمة وفي مقابل الأمم الأخرى، بل إن هذا الاعتبار ينطوي على ما هو أدهى من عبثية الفعل وسوء التقدير، تنزه البارئ عن ذلك، فالله تعالى لا يعقل أن يرضى بأي طاعة، بل لا يرضى إلا بالطاعة الهادية، ولا يفرض على عباده طاعة توقهم في ضلال أو هلاك، ومثل هذا الأمر بالفرض المذكور يجعل ممكنا أن يؤدي الممتثلون له طاعة تنتج ولاية لا ترضي الله، بل ولاية قد تكون معادية للرسالة والمؤمنين بها.
ويعن لبعض المجادلين القول إن الأمة عليها ألا تعطي الطاعة إلا لمن كان أهلا لها، فلا تقع تلك المحاذير، هذا الافتراض نظري صرف لا يوجد إلا في خيال كتاب المدائن الفاضلة، ولم يتحقق في تاريخ المسلمين أو سواهم، وهو يستدعي أمة على درجة كبيرة من النضج والوعي