الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٣٥٨
السديد، ولا يعين القائلين به على دعواهم تلك، لما سبقت الإشارة إليه من ذكر الراسخين في العلم على النحو الذي قدمناه.
على أن القول بأن الله تعالى لم يجعل هذا العلم عند أحد من عباده، فضلا عن ما قد بيناه أعلاه من معارضته للمنطق الديني، فإنه يتعارض مع نصوص أخرى تثبت هذا العلم لبعض العباد، مما يجعلها تؤيد أن تكون الواو عاطفة. ومن هذه النصوص ما ذكرنا قبل قليل * (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) * فلو لم يكن النبي (ص) عالما بمضمون الكتاب لم يكن ليبين. ومنها * (قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) * فهذا العلم حقيقة قد جعله تعالى عند من وصفهم * (من عنده علم الكتاب) * ولقد فصلنا في معنى الكتاب خلال شرح هذا النص بالذات. ومنها * (فلا أقسم بمواقع النجوم، وإنه لقسم لو تعلمون عظيم، إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون، تنزيل من رب العالمين) * فلقد أقسم تعالى قسما عظيما بأن إدراك مضمون كتابه العظيم لا يقدر عليه إلا المطهرون، وهنا نتذكر أننا لا يجوز أن نحتمل في حق الكلام الإلهي إلا الدقة الكاملة وعدم التجاوز، فالمطهرون بدقيق العبارة هم الذين قد طهروا من كل دنس، ومنها، * (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) *، فالكتاب هنا ليس المصحف بمفهومه المتداول، بل هو الكتاب بنصه ومضمونه، فليراجع القارئ تفصيله في مكانه من شرح هذا النص.
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 347 349 350 352 353 354 355 356 357 358 359 » »»