الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٣٥٦
العلم الأشمل الذي يتضمن علم التأويل، أو أي علم آخر لا علاقة له بالتأويل على فرض أن هذا قد حجبه الله عن البشر مطلقا.
إن سياق النص يفرض علينا أن العلم المقصود هو علم التأويل أو ما يشتمل عليه، لأنه هو العلم الذي يستقصيه النص، وقد بين لنا أن اتباع المتشابه بالرأي والظنون ينتج زيغ القلوب عن الحق، لأن علمه لله فلا يعلم إلا منه لا بالاجتهاد فيه، بينما قد شخص لنا في المقابل، جهة هي الراسخون في العلم الذين قد أنتج رسوخهم هذا يقين الإيمان، مما يستدعي أن يكون الرسوخ في العلم الذي أنتج اليقين هنا، في مقابل ظنية الرأي الذي أنتج الريب هناك، إنما هو الرسوخ في علم التأويل، وأما أن يكون رسوخا في ما لا علاقة له بالأمر فيستعصي على المنطق قبوله، فهؤلاء قوم رسوخهم في العلم كان الدافع إلى يقين إيمانهم بمحكمه ومتشابهه، مما يعني تعلق إيمانهم هذا برسوخهم في العلم بموضوع الإيمان ذاته، ولا يمكن أن يكون العلم المشار إليه موضوعا لا علاقة له بالتأويل في جملته، كالفيزياء وحدها، أو الكيمياء وحدها أو الفلك وحده، فلو كان هكذا وكان السبب في يقين الإيمان كما هو ظاهر النص، لكان يستدعي واقعيا الإيمان ببعض الذي له علاقة بهذا العلم المفرد دون بعضه الذي لا علاقة له به، وهذا يناقض شمول الإيمان الذي يتكلم عنه.
إن الراسخ في العلم هو الثابت المستقر فيه، فلا يعتريه تبدل أو نقص أو تناقض، لذا يقتضي أن يكون لديه من العلم ما يمثل حقيقة موضوعه، ولما لم يخضع القرآن للتحريف في نصه، فلقد كان العلم المطابق لحقيقة
(٣٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 347 349 350 352 353 354 355 356 357 358 359 » »»