يحتاج غالبا لمثل هذه المعايير لدلالتها المباشرة، إلا من حيث أنك تحتاج أحيانا للاستدلال لدحض ما يدعى من فهمها على نحو التأويل.
ثانيا: أن في الكتاب آيات أخرى هي المتشابه، التي قد يشتبه فهمها على الناس.
ثالثا: ذم الذين يتبعون المتشابه ابتغاء تأويله ونعتهم بزيغ القلوب.
والذم هنا ليس ذما للاتباع، إنما الذم لابتغاء التأويل، فالمراد باتباعه إرادته والقصد إليه من أجل عطفه عن مساره الحقيقي من خلال التأول بالرأي والهوى، إذ عملهم فيه على هذا النحو لا يفيد سوى الظن دون الحقيقة مما يوقع في الضلال، ذلك لأن تأويله الحقيقي لا يعلمه إلا الله.
رابعا: إن تأويله لا يعلمه إلا الله تعالى، وعلى تقدير أن الواو التي بعده للعطف فيكون الراسخون في العلم يعلمونه أيضا، وعلى تقدير أنها استئنافية يخرجهم من العلم فيكون العلم له وحده، وعلى أي تقدير فإن النص يفيد أن هذا العلم رباني قد اختص تعالى به، لذلك لو كان عند أحد من الناس فلا يكون كسبيا بالوسائل المعهودة، بل جعلا إلهيا، وهذا من المترتبات التي يستبطنها النص، فهذا العلم الإلهي لا يحصل سوى بالجعل الرباني.
وأما الاجتهاد فيه بالرأي فلا ينتج بالضرورة حقيقة التأويل، لذلك ذم تعالى الاتباع على هذا النحو.