فهو مما يحمل أوجه الفائدة للإنسان في حياته ومعارفه، وفهم ذاته ومحيطه وأسرار الكون، مما يؤثر في سلوكه وعمله وهو مدعو إلى الاستفادة منها، بعد أن سخر تعالى له الكون كما تعلم من كثير من النصوص، ودعاه إلى النظر في آياتها كلها التي جعل فيها آيات للعالمين، كما في كثير من النصوص الأخرى.
وهذا كله يرجح أن تكون الواو عاطفة، لتعني أن هذا العلم الذي لا يحصل إلا بجعل إلهي، قد جعله تعالى لدى الذين وصفهم بالراسخين في العلم، بمعنى أنهم ثابتون مستقرون في هذا العلم لا يعتريهم فيه تبدل ولا تناقض، إشارة إلى مطابقة علمهم للحقيقة في موضوعه، على تفصيل سيأتي، فيكون بهذا الجعل متاحا للناس بالرجوع إليهم، توافقا ما أهداف الوحي، كما قدمنا، وكون الواو للاستئناف يتعارض مع غاية الوحي في جعله متاحا للناس ليهتدوا به، لا سيما أن أصحاب هذا القول إنما يهدفون منه إلى أن هذا العلم هو لله وحده، وأنه ليس متاحا إلى أحد من عباده، كما أن هذا الاعتبار يترتب عليه استثناء الرسول (ص) من هذا العلم الذي أثبته له النص الذي أوردناه قبل قليل.
الراسخون في العلم: أي علم؟
وهنا نتوقف عند الوصف الذي أنعم به تعالى في هذا النص على بعض من عباده فنعتهم بالراسخين في العلم. فما هو العلم المراد؟ هناك احتمالات ثلاث، إما أن يكون علم التأويل الذي هو موضوع النص، أو