الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٨٨
يمثل فهم الإنسان تبعا لمعارفه المكتسبة، لا إنه تحول في الحقائق المكتنزة فيها، وذلك لأن من النصوص ما يتناول العقائد والشرائع والأخلاق، وهو ثابت مع الزمان بتعبيره عن حقائق الوجود في العقائد، وتعبيره عن الوجه السوي للإنسان الممثل لأصالته في الشرائع والأخلاق، وهي بهذا ثابتة بثبات إنسانيته، وتغيرها يوجب تغير الدين، في الوقت الذي أتاح الإسلام للناس أن يعالجوا جديد قضاياهم بواسطة الاجتهاد الذي يجب أن يلتزم عملية الاستنباط من خلال النصوص، وأن لا يخرج عنها لكي لا ينحرف عن الصواب، بينما من النصوص ما هو خارج هذا الإطار ويتناول قضايا الكون والخلق والحياة، فلا بد أنه يعبر عن الحقيقة في أي شأن تناوله النص، ولا يمكن أن يحمل في داخله التناقضات، ولا هو يعبر عن معرفة نسبية، بل هذا الفهم قد نشأ من عجز الناس عن إدارك الحقائق في النصوص بعد تنكرهم لمرجعيتها التي جعل الله عندها علمها الحقيقي، فأصبح الإنسان يفهم هذه النصوص من خلال معارفه النسبية المتبدلة مع الزمن، وذلك في عملية إسقاط على النص، وأصبحت النصوص محكومة بتطور الإنسان ليرى فيها معارفه، لا حاكمة على التطور وحافزة له ومصوبة لمساره، فلو كانت مقولة تطور المضمون تعبيرا عن هذا الواقع الذي نشأ عن عزوف الأمة عن مرجعيتها الصادرة عن الله، لصحت، ولكن تبقى مقيدة بطبيعة الموضوع الذي تتناوله النصوص خارج إطار العقيدة والشريعة. ولا صحة للتنظير بأن هذا من وجوه الإعجاز، لأنه لا إعجاز في نسبية المعرفة، بل يناقض الإعجاز، في أن ما يسقطه الإنسان
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 293 295 ... » »»