الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٩٨
وهم شاهدون (150) ألا إنهم من إفكهم ليقولون (151) ولد الله وإنهم لكاذبون (152) اصطفى البنات على البنين (153) ما لكم كيف تحكمون (154)) * (1).
فالبارئ جل وعلا يسفه دعواهم بأسلوب الاستفهام الاستنكاري ليدل على أنه لا تمييز بين الذكر والأنثى، فلم تكن الإناث صفوة الخلق حتى يختص تعالى بهن نفسه وحتى يجعل الملائكة إناثا كما يفترون، ومثله يقال في قوله تعالى * (أأصفاكم بالبنين..) * وأما قوله تعالى * (.. لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الواحد القهار) * (2).
فالخلق كلهم لله فلو أراد الله أن يتخذ ولدا لاختار لنفسه صفوتهم وأمثلهم ممن يشاء، لكنه تنزه عن ذلك.
فهذه النصوص الثلث هي في مورد نفي الاصطفاء، أما النصوص الأخرى التي تتحدث عن الاصطفاء فهي في مورد إثباته وكلها جاءت في مورد انتقاء الأمثل وتمييزه على جميع من عداه من جهة أولى وتستبطن علاقة وظيفية للمصطفين بالرسالات الإلهية من جهة ثانية، فالاصطفاء الإلهي ليس غاية في ذاته، بل ينبئ عن إرادة ربانية في اختيار الأمثل من البشر لأجل رسالاته، كما أن أغلب نصوص الاصطفاء تعبر عنها مباشرة (75 الحج - 144 الأعراف - 147 البقرة - 42 آل عمران - 130 و 132 البقرة) إلى جانب النص الذي نحن في صدده (الآية 32 من سورة

(1) سورة الصافات.
(2) سورة الزمر، الآية 4.
(٢٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 291 293 295 296 297 298 299 300 301 302 303 ... » »»