الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٧٥
فالخطاب في هذا النص الإلهي موجه إلى المؤمنين جميعا في قوله * (إنما وليكم الله..) * ليؤكد أن ولايته على جميع المؤمنين، ولما أضاف * (ورسوله) * أخرجه من المخاطبين وأضحت له عليهم ولاية مضافة إلى ولايته تعالى، وأضحى كل من تبقى من المؤمنين تابع له في الولاية، ولما أضاف * (الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * أخرجهم كذلك من الخطاب وأضحت لهم الولاية مضافة إلى ولايته تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله)، وأضحى كل من عداهم تابعا لهم في الولاية، وهكذا فالنص يجعل المؤمنين صنفين متميزين، صنفا لهم الولاية، وصنفا تابعا لهم فيها وهم المخاطبون، على أن هذا يفهم كذلك من دلالة إنما التي بدأ فيها الخطاب لتفيد حصر الولاية في الله ورسوله والذين آمنوا الموصوفين بالوصف المعلوم، ونفيها عن كل من عداهم، مما يجعلهم بالضرورة جهة من المؤمنين غير الذين وجه إليهم الخطاب، فالنص إذن يجعل المؤمنين جهة أوجب لها الولاية، وجهة المخاطبين الذين فرضت عليهم، لذا كان منطقيا تمييز الذين وجبت لهم بوصف خاص بهم لا يوجد في غيرهم، فجاء قوله تعالى * (الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) *، فلا مندوحة عن تلقي الركوع بظاهره وأصل دلالة الكلمة اللغوي ليؤدي الوصف هدفه من التمييز (فيصبح الوصف أنهم يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة حال الركوع، فيخدم الوصف غايته في التميز ويتصل بسياق الكلام) أما لو أزحنا اللفظ عن ظاهره، لنأخذ بالمجاز، وعن أصله لنأخذ بمعنى ثانوي كالخضوع، كما هو المعهود لجميع
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 279 281 282 ... » »»