الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٩٠
لذلك أصبحت الأولوية في وظيفة إمام الحق العمل على تأصيل الرسالة في مجتمعها، ودفع الريب والتحريف عنها، وترسيخ الذين استناروا بنورهم، للمحافظة على الوجه الصحيح للإسلام عبر القرون، إلى أن يأذن الله لإمام الحق ليعيد الأمور إلى نصابها، فيعود أهل الإسلام إلى رشدهم والطريق الذي أراده لهم تعالى فحينئذ يظهر إمام الحق المنتظر هذه العلوم للناس، لأنهم يكونون عندها مستحقين لها، ومؤهلين لحملها والعمل لها، فلا تكون بيدهم وسيلة طغيان واستكبار وضلال.
وهكذا يصبح لتلك النصوص المقررة لحفظ القرآن الكريم مدلولا معقولا، ينسجم مع المنطق الديني في مبررات الوحي وبعث الرسل، إذ قد نزل الوحي لهداية الإنسان وتحقيق مصلحته، فلو أن علمه الحقيقي يبقى لله وحده، فما الفائدة من تنزيله؟ تنزه الله تعالى عن العبث وعن أن ينزل للناس سبيل هداية يكون سببا للحيرة والخلاف، مما يناقض مبررات التنزيل، ومن هذا يفهم حقيقة قوله تعالى * (في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون) *. بمعنى لا يدركه إلا المطهرون على النحو الذي شرحناه في بداية البحث، ويفهم معنى قوله * (ولا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم..) * بأن * (الراسخون في العلم..) * معطوفة على لفظ الجلالة، ليكون علم تأويله الذي لا يعلمه إلا الله ولذلك لا يعلم إلا بجعل منه، قد جعله عند هؤلاء الراسخين في العلم الذين هم المطهرون، الذين طهرهم الله وأذهب عنهم الرجس بما حققوا من مقدمات التطهير الإلهي في علم الله، فاصطفاهم الله تعالى من عباده * (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل
(٢٩٠)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 293 295 296 297 ... » »»