الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٨٦
فإذا كان الله تعالى قد حفظ القرآن لفظا ومضمونا، وكان ذلك الحفظ لكي يتيح حقيقته لمن يريد ذلك من الناس ليهتدي به ويقتدي، وكان علمه عنده وحده، مما جعله لا يعلم إلا منه وبجعل إلهي، كان لا بد أنه قد جعله عند بعض من عباده القادرين على حمله، فاستحفظهم عليه لكي يرجع الناس إليهم في معرفة حقائقه وتعلمه، فهؤلاء يخبرون عن حقائقه عن علم به من الله لا بآرائهم، مما يرفع التحريف عنه لفظا ومضمونا، ويكون الحفظ متحققا لدى الله تعالى ويكون متاحا للخلق، وهذا ما ينسجم مع قوله تعالى * (في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون) * فهم الذين قد أعطتهم طهارتهم من الرجس والدنس الفكري والنفسي الأهلية لحمل هذا العلم المجعول ربانيا، والاستحفاظ عليه، وذلك ينسجم مع وصفه تعالى بعضا من عباده بالراسخين في العلم الذين يؤمنون بمحكمه ومتشابهه بنفس المستوى من قوة اليقين، فإن كان بعض العباد يعلمون به من الله، فلا أولى من الراسخين في العلم منهم بأن يكونوا هم أولئك العالمين.
مقولة تحول المضمون دون تقييد تفتقر إلى الدقة العلمية:
أما القول بأن الحفظ هو للنص، ليكون متاحا ليفهموا منه تبعا لمعطيات مرحلة التطور التي بلغوها، وعلى ضوء المعارف التي اكتسبوها، فتلك لعمري مغالطة، ما بعدها مغالطة، إذ بهذا المفهوم يكون النص تابعا لتطور الإنسان يحوره حسب ما يلائمه، ولا يكون له دور في التحفيز والتوجيه، خلافا للهدف من رسالة السماء والوحي الإلهي، في دفع تطور
(٢٨٦)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»