الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٨٧
البشرية ووضعها على الطريق السوي، أي أن يكون النص هو الحافز على الارتقاء والموجه له، بل ذلك الاعتبار يضع الوحي الإلهي في إطار المعارف النسبية التي تتبدل تبعا لزيادة قدرة الإنسان على الكشف والاختبار، فلا يكون لتنزيله من الله تعالى ميزة على ما لدى البشر، وبهذا المفهوم يكون الإنسان حاكما على النص الموحى، ويفهمه بما يسقطه عليه مما لديه من مواقف متفاوتة ومعارف متبدلة، بينما يجب أن يكون النص هو الحاكم على الإنسان، إذ أنه يحمل الحقيقة له من كل شأن تطرق إليه الوحي في حياة الإنسان والمخلوقات والكون، ولو علم الإنسان حقائقها كان من شأنه أن توجهه في تطوره وتدفعه وتصوبه، هذه حقيقة أولى، والحقيقة الثانية أن الناس لم يكونوا قادرين على استيعاب هذه الحقائق جملة واحدة في عصر التنزيل، لذلك قال تعالى " لا يعلم تأويله إلا.. " فكان علمه عند الله خاصا به ولا يعلم منه إلا بالجعل الإلهي، وللذين جعل الله عندهم هذا العلم الإلهي أن يظهروا للناس منه ما يناسب مرحلة النضج التي بلغوها، مع تعاظم التطور الإنساني، وفي الوقت الذي يستطيعون توظيفه إيجابيا في حياتهم وتعاطيهم مع الوجود، فيكون ما يظهرون لهم من الحقائق حافزا على الارتقاء وموجها للتطور البشري، لكن هذا يحتاج إلى أمة ملتزمة بالحق قوامة عليه، لكي لا يكون وسيلة بيد الظالمين للطغيان والجبروت.
تحول المضمون مقيد بالموضوع:
ومن ناحية أخرى، فإن المواضيع التي تعالجها النصوص كثيرة، ولا يصح إطلاق عبارة تحول المضمون دون تقييد، ولو من حيث أن التحول
(٢٨٧)
مفاتيح البحث: الظلم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 293 ... » »»