الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٨٢
إذن فهو يتناول حقائق تتعلق بما أنزله تعالى على رسوله (ص)، وشرح هذه الحقائق يحتاج إلى مجلد برمته، إنما قصدنا هنا إيضاح معنى " لا يمسه إلا المطهرون " مع ما يستدعي من التطرق إلى مجمل هذه الآيات المترابطة سياقا ومضمونا ضمن حدود الضرورة التي تخدم الحاجة.
المس:
المس هذا هو الإدراك والفهم، وهو غير اللمس، قال تعالى * (.. إذا مسهم طائف من الشيطان..) * (1)، و * (والذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) * (2).
ولا يكون المس هذا بمعنى اللمس، إذ يترتب عليه أن يكون القسم قد قرر أمرا غير متحقق في الواقع، حيث نرى أن المصحف المجيد كثيرا ما يلمسه غير المتطهرين، وهذا يستحيل أن يصدر عن الله تعالى. لذلك إذا اعتبرنا المس بمعنى اللمس لوجب انتزاع الآية من سياقها لتصبح جملة اعتراضية بمعنى إنشاء الأمر بعدم لمسه إلا من المتطهرين، وهذا كما هو واضح يخالف السياق الظاهر، ويخل بترابط موضوع القسم ويفسد ببلاغة البيان.
ولا سيما أنه لا دليل في أسباب النزول أو سواها على أن هذه الآية نزلت مستقلة عن سياقها، لذا يبقى ظهور السياق هو الحاكم هنا.

(1) سورة الأعراف، الآية 201.
(2) سورة البقرة، الآية 275.
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 279 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»