الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٧٢
* (يحبهم الله ويحبونه) * والتفاني في حب المؤمنين وصيانتهم من قوله * (أذلة على المؤمنين) *، وفي الصلابة ضد الكافرين من قوله * (أعزة على الكافرين) * ومن مثل الجهاد جهادا لا شبهة فيه ليقتضي التنويه الرباني * (يجاهدون في سبيل الله) *، والإخلاص المطلق الذي لا يعتريه مساومة * (ولا يخافون لومة لائم) *، ليستحق كل هذا الوصف أن يصفه رب العزة * (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) * فمثل هذه الصفات هي من متعلقات المناسبة ومن تداعياتها، لو تولى المؤمنون من توفرت فيه لكان يرتجي صيانة الدين وأهله، لدلالاتها الواضحة على الصدق في الإيمان، الأمر الذي لا يتوفر في الكلام عن إقام الصلاة والزكاة على النحو المفترض حين يكون الركوع بمعنى الخضوع، جاعلا إياهما كالحال المعهود لجميع الذين اعتدنا على سماع الخطاب القرآني لهم بالمؤمنين، على علم بما فيهم من منافقين، وسماعين لقوم آخرين، ولا مزين في الصدقات، والمؤذين لرسول الله، والفارين من الزحف، والقاعدين عن الجهاد.
ومثله يسري حين نجعل الركوع بمعنى الخشوع، لكون هذه الحالة أمرا قلبيا لا يعلم حقيقته إلا الله، بل إن التظاهر بالخشوع يصلح لخداع المؤمنين بينما صاحبه يبطن النفاق أو الوقيعة، لذا وإن كان الخشوع الحقيقي صفة يرغب بها المؤمنون في المطلق، لكنها لا تنسجم مع مناسبة النص وفريضته، لأن مظهر الخشوع ليس هو مما يرتجى منه حفظ الدين والوقاية من الردة، فيما لو تولى المؤمنون من يتوفر فيه.
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»