الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٧٣
من جهة ثانية إذا كان الركوع بمعنى الخضوع ليغدو إقام الصلاة وإيتاء الزكاة بالحال المعهود لكل المؤمنين، سواء منهم المعنيون بالولاية والمخاطبون، فلا يبقى معه وجه لاعتبار جملة * (يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة) * صفة في من وجبت لهم الولاية لحض المخاطبين على الاقتداء بها، بينما هي موجودة فيهم أصلا ولا تفاضل بين هؤلاء وهؤلاء، بل لا يكون في عداد المؤمنين من لم تكن فيه حتى صح أصلا خطابه بعنوانهم.
وهكذا يبدو واضحا أن لا وجه للافتراض بأن الله تعالى إنما أراد بهذا التوصيف إظهار أهمية خاصة للصلاة والزكاة على علاقة بهذه المناسبة وحض المؤمنين على التمسك بهما.
لقد بات واضحا إلى هنا أن تفسير الركوع مجازيا بالخضوع يجعل إقام الصلاة وإيتاء الزكاة بوجهه المعتاد لجميع المؤمنين، فيخرج الكلام عن مدلول مفيد، إذ لا يبقى يصلح تمييزا للمؤمنين الذين أوجب ولايتهم عن سواهم، ولا تمييزا للمؤمنين عن غير المؤمنين، ولا معيارا لمن في ولايته صون للدين وأهله، ولا يسمح مورد الحديث عن الولاية وعن الردة ومتعلقاتها باعتباره ترغيبا للمؤمنين بصفات من تداعيات المناسبة، فيغدو هكذا ذلك الوصف فاقد الدلالة خارجا عن السياق وفضولا لا مبرر له ومثله لو اعتبر الركوع بمعنى الخشوع فيغدو غير صالح في أي تمييز أو معيار.
ولا يكون الوصف مفيدا لأي من الأغراض ومنسجما مع مناخ النص والنصوص التي افترضوا صلتها به، إلا بفهم الركوع بظاهر معناه
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 279 ... » »»