الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٦٧
وللفائدة نذكر أن المجاز قد يكون من الظاهر حين توفر قرينة توجه المسار التعبيري إليه، ولكن مع فقدان القرينة كما في هذا النص، سيكون المجاز إقحاما لا مبرر له.
ثانيا: الركوع في القرآن الكريم قد استعمل فقط للدلالة على فعل الركوع من الصلاة، والذي هو فعل على صورة الركوع بمدلوله اللغوي، أو أحيانا للدلالة على الصلاة بمجموعها كونه الأظهر من أفعالها، إذا شاهده الإنسان علم أن الفاعل في حال الصلاة، ومثله في ذلك السجود، الذي استعمل على نحو مطابق، وهكذا لا معنى لإخراج مدلول الركوع هنا عن السياق المعهود في استعماله القرآني.
ثالثا: إن حمل الركوع على الخضوع يجعل الكلام ركيكا ويتعارض مع مقتضيات البلاغة في التعبير، ذلك لأن إقام الصلاة وإيتاء الزكاة بذاتهما فعل خضوع ومظهر من مظاهره، وإضافة وهم خاضعون لا تضيف شيئا مفيدا على قوله تعالى يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، فتكون فضولا من الكلام لا مبرر له، وهذا ما تنزه عنه كلام البارئ تعالى. نعم لو لم يكن الفعل ذاته من مظاهر الخضوع لصحت الإضافة، ويظهر الفارق حين نقارنه بقولنا: يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم مخلصون، فهذه العبارة قد زادت على الفعل الموصوف، لأن ليس كل إقام للصلاة وإتاء للزكاة مقترنا بإخلاص، خلافا لقولنا يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم خاضعون، لذلك لا بد من حمل لفظ الركوع على فعل الركوع من
(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»