الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٧٦
المؤمنين، فيصبح عندئذ الأولياء، جميع المؤمنين، الأمر الذي يتعارض مع دلالة إنما الحصرية، وهذا يحدث اضطرابا في الدلالة، وتناقضا في العبارة، إذ يكون المخاطبون هم الأولياء أنفسهم وتصبح العبارة كالآتي: يا أيها الذين آمنوا جميعا إنما وليكم الذين آمنوا جميعا.
وهذا لا يصح كأسلوب للتعبير، إن كان القصد صرف الولاية إلى النصرة لصرفها عن أمير المؤمنين (ع) إلى جميع المسلمين، فلو أن القصد من النص تقرير مبدأ نظري بالمطلق في أن النصرة وقف على المؤمنين وأن كل مؤمن ناصر لكل مؤمن، فلا يصح حينئذ في مقاييس اللغة وأساليب البيان مثل تلك العبارة، بل العبارة الصحيحة هي من قبيل قوله تعالى * (والمؤمنات والمؤمنون بعضهم أولياء بعض) * التي قد لحظت أن الولاية وقف على المؤمنين نصرا واستنصارا، دون سواهم، دون تعيين وتمييز، إذ لم يجعلها واجبا موقوفا على جهة منهم دون غيرها، ولا حقا موقوفا لجهة منهم هي ذاتها كل حين، بل إن أسلوب النص في البيان قد جعل الجهتين على طرفي الولاية قابلتين للتبادل والتداخل كلما نشأت الولاية بين المؤمنين، وذلك لمطابقة واقع الولاية حين نشوئه في الخارج، الذي يستحيل معه أن يكون المؤمنون جميعا على طرفي العلاقة في كل حين، ورغم أن الولاية هنا تحمل معنى الولاية بأصله وجوهره، فقد حرمت أن يجعل المؤمن لنفسه أي علاقة تعطي يدا وسبيلا على ذاته إلا مع المؤمنين، لكن لأن العبارة جاءت على النحو المذكور، بات ممكنا صرفها إلى ما دون ولاية الأمر في أي مضمون ثانوي يوافق هذه العلاقة في معطياتها التي
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 279 281 282 283 ... » »»