الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٧١
عالجت موضوعا على درجة عالية من الخطورة يتعلق بصيانة الدين وثبات المؤمنين عليه، فحرمت تولي اليهود والنصارى وجعلته ردة عن الدين بقوله تعالى * (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) * وذمت الذين يقيمون معهم علاقات من قبيل الولاية أشار إليها * (يسارعون فيهم) * ثم حذرت من الارتداد وهددت باستبدال آخرين يكون ولاؤهم خالصا لله فوصفهم بأنهم يحبونه ويحبهم وإلى آخر الآية، ثم بعد ذلك فرض الولاية حصرية ومتعينة لمن وصفهم * (يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * وعقب بقوله * (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) * (علما أن الذين آمنوا هنا بدل من الذين آمنوا في جملة * (إنما وليكم) *) وذلك ليعلم أن فرض الولاية هذا من ضرورات الصراع بين الإسلام وأعدائه، في الصراع بين الخط الإلهي الذي عبر عنه بحزب الله وبين الذين يتنكرون لهذه الولاية، وأن هذه الولاية ضمانة غلبة الدين ولزوم خطه القويم، والوقاية من مسببات الردة ومقدماتها التي حذر منها آنفا.
وهكذا يظهر جليا أن الوصف الذي أعطاه تعالى للذين آمنوا المعنيين بالولاية لو كان حسب الافتراض المذكور صفة للمؤمنين مهمة يراد منها التأكيد على التمسك بها يقتضي أن يكون منسجما مع سياق الكلام ووحي الفريضة، الذي أوضحناه، من قبيل ما يرتجى منه حفظ الدين، وثبات المؤمنين على الإيمان، ومنعتهم ضد أعدائه، من مثل الإخلاص الأمثل لله الذي يليق بوصف الله تعالى لهؤلاء البدائل بقوله
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»